بولتون يرى العالم بعيون جزائرية
من معرقل الاعتراف بمغربية الصحراء إلى متهم بانتهاك الأمن القومي
في واشنطن، لا تُقاس المواقف بالخرائط، بل بالعدسات. وجون بولتون، الذي لطالما تبنّى أطروحة الجزائر في ملف الصحراء، يبدو وكأنه لا يرى إلا ما يُرضي البوليساريو. صورة واحدة تختصر كل شيء: رجل أميركي، بعيون جزائرية.
بولتون… حجر عثرة في طريق الاعتراف الأمريكي
خلال عهدة الرئيس ترامب الأولى، كان بولتون يشغل منصب مستشار الأمن القومي، لكنه لم يكن مجرد موظف رفيع، بل حاملًا لأجندة تتقاطع بوضوح مع الطرح الانفصالي المدعوم من الجزائر. فقد دافع بشراسة عن خيار الاستفتاء، متجاهلًا التحولات الواقعية والسياسية التي جعلت هذا الخيار غير قابل للتنفيذ.
داخل البيت الأبيض، مارس ضغوطًا لعرقلة أي تقارب مع المغرب في ملف الصحراء، مما أدى إلى تأخير الاعتراف الرسمي حتى ديسمبر 2020، أي بعد مغادرته منصبه. وقد وصفه مراقبون بأنه “اللوبي غير الرسمي للجزائر في واشنطن”.
حتى بعد خروجه من الإدارة، لم يتوقف عن مهاجمة القرار، بل واصل الترويج لأطروحات البوليساريو في مقالات وتصريحات، مما عزز الشكوك حول ارتباطه غير المعلن بالأجندة الجزائرية.
بولتون أمام القضاء الأمريكي… انهيار الصورة
في أغسطس 2025، داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل بولتون في بيثيسدا ومكتبه في واشنطن، وصادر أجهزة إلكترونية ووثائق مصنفة “سرية للغاية”. التحقيقات كشفت أنه احتفظ بمعلومات دفاعية حساسة، منها ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل والاتصالات الاستراتيجية، في حساب إلكتروني غير مؤمّن تم اختراقه من جهة أجنبية.
تم توجيه 18 تهمة له، بينها نقل معلومات دفاعية وطنية بشكل غير قانوني، والاحتفاظ بها دون إذن. وقد دفع ببراءته أمام المحكمة الفيدرالية، فيما أكدت وزارة العدل أن “لا أحد فوق القانون!
ويبقى السيد بولتون الذي سلم نفسه للسلطات يوم الجمعة (17 أكتوبر 2025) ودفع ببراءته من التهم التي تتعلق بكشف والاحتفاظ بوثائق دفاع وطني سرية، بريئاً حتى تتم إدانته.
قضية بولتون تفتح الباب أمام مراجعة شاملة لدور بعض المسؤولين السابقين في تشكيل السياسات الخارجية الأميركية، خاصة حين تتقاطع مواقفهم مع أجندات دول معادية لحلفاء واشنطن. فهل آن الأوان لإعادة تقييم تأثير “اللوبي الجزائري غير الرسمي” في العاصمة الأميركية؟
